السلام عليكم ورحمة الله وبركته
التمساح , الدموع
التمساح ابو الدموع
اخترت اليوم هذا العنوان الطريف للكتابة عن التماسيح التي يقال بأنها تذرف دموعاً حارة سخية أثناء التهامها فريستها. وإن صح القول بأن عيون التماسيح تدمع فلا بد أن يكون لتلك الدموع وظيفة فسيولوجية لا تحركها عواطف ولا تستدرها مشاعر ولا هم يحزنون.
وقبل الشروع في الحديث لا بد من التنويه أن بعض الرجال (وربما بعض النساء أيضا) يمتهنون البكاء فتراهم يجهشون بمناسبة وأحياناً بدون مناسبة لغرض في نفس يعقوب. ومثل هذا البكاء لا يتعدى كونه تمثيلاً وضحكاً على الذقون يتأثر به السذج فيتعاطفون مع الشاكي الباكي وقد يبكون أيضا معه لأن البكاء كالعدوى ينتقل بسرعة من شخص إلى آخر.
أما الذين يحسنون التمييز بين ما هو أصيل وما هو تمثيل فلا يتأثرون إطلاقاً بتلك الشهقات المفتعلة والدموع المنحدرة بغزارة على الوجنات. وبدل التعاطف فقد يضحكون في داخلهم وأحياناً قد تند عنهم ضحكة فتفسد الجو (المهيب) فتبدو الضحكة مستهجنة لكنها أقرب إلى الواقع من دموع كدموع التماسيح يعوزها الصدق وتفتقر إلى الإخلاص.
هذا أقوله مع احترامي الكامل للمشاعر الصادقة البعيدة عن الزيف، التي تترجم ذاتها أحياناً بطريقة عفوية لا إرادية إلى قطرات صافية صادرة عن ينابيع وجدانية حارة. وتلك بالفعل دموع مقدسة، (والدمع عنوان الشعور النبيل).
التمساح هو حيوان مائي كبير لاحم أي يقتات على اللحوم، وهو من أكثر الزواحف تطوراً. التماسيح تعيش في الأجواء والأجزاء الدافئة للنصف الشرقي من الكرة الأرضية، ومع ذلك تتواجد أيضاً في أمريكا الشمالية والجنوبية ، لا سيما في المكسيك وأمريكا الوسطى، وفي ولاية فلوريدا الأمريكية.
هناك أيضاً القاطور alligator أو التمساح الأمريكي الذي يعيش في الأنهار والمستنقعات.
رأس القاطور أضيق من رأس التمساح وخطمه مستدق وليس مستديرا. كما أن لونه زيتوني مع مشحات سوداء وأسنانه أطول وأكثر حدة. أما وزنه فهو بحدود ثلثي وزن التمساح وهو أسرع حركة وأكثر رشاقة. والقاطور أيضاً يقطر الدمعَ غزيرا كقريبه التمساح.
معدل طول التمساح هو بحدود الثلاثة أمتار. أقدامه كفية أو مكففة (أي ذات أصابع متصلة بوترات أو جليدات). أما أذناه فتكوينهما يناسب العيش في المياه.
والتمساح – كالقاطور – يعيش على الأسماك والطيور وعلى الثدييات. الفصائل المتواجدة في الهند وأفريقيا يهابها الناس لأنها مغرمة باللحم البشري الذي تستطيبه أكثر من أي لحم آخر. وللتماسيح نقيق يشبه النباح، قصير وحاد تقشعر له الأبدان.
هناك عدة طرق لاصطياد التماسيح، إحداها وضع الطعم على قضيبين متصالبين. فما أن يبتلع التمساح الطعم حتى ينشب القضيبان في فمه بإحكام فيتم عندئذ سحبه إلى خارج النهر أو الغدير ليواجه سوء المصير.
وبحسب بعض المصادر فأن درع التمساح ذا الحراشف الصلبة لا يخترقه الرصاص أو السلاح الأبيض الحاد كالمِدى والرماح. أما الجلد الذي يغطي أسفل الجسم فهو طري.
أنثى التمساح تدفن بيوضها في الرمل أو الوحل وتتركها لتفقس بفعل حرارة الشمس.
جلد ودهن التمساح يستعملان في أغراض تجارية وهناك مادة نفاذة الرائحة تدعىمِسك التمساح تستخدم في صناعة العطور. ومن الناس من يعتبر بيض التمساح من المأكولات الفاخرة !
هناك طائر مخوض يدعى السقساق أو الزقزاق هو صديق حميم للتمساح الذي يرحب به بفم مفتوح فيدخل ذلك الفم المفغور فينقب الأسنان وينظفها جيداً من الطفيليات التي يلتهما الطير بدوره فتكون المنفعة متبادلة بين الطير ذي الجناح وصديقه التمساح.
وما أن يلوح الخطر في الأفق حتى يزعق الطير زعقة حادة وينطلق مودعاً صديقه ذا الدموع الذي يتنبه بدوره إلى الخطر فيتدبر أمره بالغوص إلى الأعماق وينجو بفضل صديقه السقساق