سلطان الغلابة.. وأطماع الفلول
<--SS-- type=text/--SS-- src="http://platform.twitter.com/widgets.js">
محمـــد بهجـــت في كتاب ألف ليلة وليلة تحول الاسكافي البسيط معروف الي ملك ونجح في أن يحل مشاكل الناس مثلما يرتق الأحذية, وفاز بعد طول الصبر والحرمان بالعز والجاه والسلطان ـ ولكن علي أرض الواقع الأمر يختلف ـ هناك أفراد ومؤسسات تعمل علي إفساد أي سلطان حتي ولو كان سلطان الغلابة
ـ هذه هي فكرة المسرحية التي يطرحها المؤلف مصطفي سليم علي خشبة مسرح الغد من خلال النجم الكبير أحمد راتب والفنانة حنان سليمان والفنان محمد عابدين ومجموعة كبيرة من الوجوه الشابة المتألقة في مسرح الغد.. يبدأ العرض بنهاية الحكاية في كتاب الليالي, حيث وصل معروف الاسكافي بالانتخاب- أو لنقل حب الناس الي كرسي السلطان ووجد وصية من الحاكم الظالم الراحل سمعان وخاتم هدية يتضح فيما بعد أنه الخاتم المسحور الذي بداخله جني يحقق الأحلام ـ كرسي العرش وعفريت الخاتم لايكفيان لاصلاح أمور الناس, ويقرر معروف عدم استخدام الخاتم والبدء بنفسه ليكون عبرة في اصلاح البلاد ويقرر العودة الي ارتداء الملابس الخشنة وحرمان زوجته ووزرائه من ملابسهم الفاخرة وامتيازاتهم الخاصة وتحويلهم من حكام للناس الي خدم لهم ـ ويبدأ الاصلاح وتنتعش أحوال البلاد. لكن مكائد الفلول وعلي رأسهم ريمة العرة زوجة معروف الاسكافي تنجح في اعادة الفساد وتولي أمور البلاد ويضطر معروف لأن يترك العرش لينجو بنفسه من عذاب الآخرة معترفا بالفشل في محاربة أنظمة الفساد وحده.. قدم أحمد راتب الشخصية بذكاء وخفة ظل دون أن يقع في فخ الاسهاب في الارتجال والذي تسمح به طبيعة العرض.
فهناك مشهد كامل ضمن أحداث المسرحية يتطلب نزول السلطان الي الناس وسؤالهم عن أحوالهم.. وهو ما ترجمه المخرج الي حوار مفتوح بين النجم أحمد راتب وجمهور الصالة في كل يوم ـ وبطبيعة الحال تختلف المشاكل والأطروحات في كل ليلة عرض وتحتاج الي فنان لبق مثقف يستطيع ادارة دفة الحوار المفتوح دون أن يطيل فيؤثر علي ايقاع العمل ككل.
كانت حنان سليمان هي مفاجأة العرض في دور جديد تماما عليها هو دور ريمة العرة الزوجة القبيجة شكلا وسلوكا.. المتشوقة الي الثروة والتحكم في الناس وتعويض أيام الفقر.. وتتحدث بغجرية وصوت مرتفع أجش يخلف طبيعة صوتها وأسلوبها الهاديء ـ وأثبتت من خلاله أنها تمر بحالة نضج فني سيظهر أثره بالتأكيد في ادوارها القادمة ـ كما جسد محمد عابدين شبح الملك سمعان الراحل ـ الذي يظهر لقراءة وصيته لمعروف سلطان الغلابة في حل اخراجي ذكي للفنان محمد متولي بدلا من قراءة رسالة مطولة علي خشبة المسرح دون حركة توازيها ـ وقدمت شريهان شاهين دور الراقصة التي تحاول اغواء السلطان واقناعه بانشاء مرقص رسمي للشعب وصنعت مع حنان سليمان مواقف كوميدية طريفة من مدخل الغيرة النسائية كما أجاد شريف عواد في دور زوج الراقصة الفخور بأنوثتها وتدللها وانجذاب الناس بها ـ ورغم أن مثل هذه الشخصية قد قدمت مرات عديدة علي خشبة المسرح إلا أنه قد نجح في تجسيدها بشكل مختلف وبخفة ظل دون أن يسقط في فخ الابتذال.. وظهر آدم ومحمد صلاح في ادوار الوزراء الفلول الطامعين الي اعادة أمجادهم وسرقة الناس وهما موهبتان جديدتان تحتاجان الي أكثر من فرصة لأظهار امكانياتهما, كما شارك في العرض أحمد نبيل وأحمد الشريف في ادوار صغيرة لكنها تثبت حضورهما ووجود طاقة كوميدية تحتاج الي مساحة تعبير أكبر..
كانت الحان باهر الحريري جزءا مهما من النسيج الدرامي للعرض مع كلمات الشاعر والمؤلف مصطفي سليم وظهر من خلالها صوتان رائعان للمطرب الشعبي أحمد سعد والمطرب الشاب فارس كرواة معلقين علي المشاهد ـ وتميزت ديكورات وملابس ناصر عبد الحافظ بالبساطة والجمال ـ كما ظهرت لمسات ناهد القرمودي في تصميم الحلي واستطاع المخرج محمد متولي أن يقود فريقة من الفنانين الموهوبين لتقديم عرض بسيط وممتع في نفس الوقت.
جريدة الاهرام.