أحب أن أكون رجلاً
يقول الله سبحانه و تعالى في محكم آياته
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم ) ﴿النساء: ٣٤﴾
في هذه الآية يخص الله تعالى الرجال بالقوامة
فالرجال قوامون على مصالح الأسرة بالرعاية والتربية والإنفاق
إنها مهام عظيمة تحتاج إلى الرجال لها طبيعة خاصة قادرة على تحمل المسؤلية
والتحكم فى مجريات الأمور بالصورة التى تضمن سعادة الأسرة
وتضبط الأمور بقيادة حكيمة هكذا هم الرجال كما وصفهم الحق تبارك وتعالى وهكذا هي القوامة إنها تكليف
و كما قال في محكم آياته
( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ*
رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ )
﴿النور: ٣٦, ٣٧﴾
هنا تتجلى الرجولة في صفة أهل المساجد الذين لم تشغلهم العوارض عن الذكر والآخرة
وفي قوله تعالى ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ
مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ*. لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ
مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ )﴿التوبة: ١٠٧ ,١٠٨﴾
جاء وصفهم هنا بالأبرار الأطهار
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
وهي أيضاً صفة أهل الوفاء مع الله الذين باعوا أنفسهم لربهم
كما جاء في الآية الكريمة (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا).
و الأمثلة على ذلك كثيرة سواء من الصحابة أو الصحابيات وغيرهم من الرجال و النساء
و لنا في أم ورقة رضيّ الله عنها مثال على ذلك حيث تمنت الشهادة و طلبت من رسول صلى الله عليه و سلم
أن يأذن لها بالذهاب إلى الجهاد تداوي المرضى لعلّها ترزق بالشهادة فقال لها قرّي في بيتك فإنك شهيدة و كان لها ذلك .
وقد وصف الله أشرف الخلق فقال:
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى).
فهي صفه الأنبياء الذين تحملوا أعباء الرسالة وقادوا الأمم إلى ربها،
ومن يتتبع معنى الرجولة في القرآن الكريم والسنة النبوية يعلم أن أعظم من تتحقق فيهم سمات الرجولة الحقة
هم الذين يستضيئون بنور الإيمان ويحققون عبادة الرحمن ويلتزمون التقوى في صغير حياتهم وكبيرها
كما قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وعندما سئل عليه الصلاة والسلام:
[من أكرم الناس؟ قال:"أتقاهم لله] (متفق عليه).
وقد ثبت عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
(ما تقولون في هذا؟) قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع.
قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: (ما تقولون في هذا؟)
قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا خير من ملء الأرض مثل هذا). رواه البخاري
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" (رواه مسلم).
وفي مواقف الصحابية الجليلة نسيبة بنت كعب تتجلى الرجولة في أسمى معانيها
فها هي في معركة أحد حينما وقف رسول الله صل الله عليه وسلم فى ثبات وحده
عندما تخلى بعض الرجال عن أماكنهم جاءت لتأخذ دور الرجولة فى موقف يجب أن تتجلى فيه
فأخذت سيفا من يد أحد الفارين و وقفت وقفة رجل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والجراح تتفجر دماً من جسدها
ولا تبالى لما أصابها حتى أنقذت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ؟
وإذا كان الرسول صل الله عليم وسلم قد لعن المتشبهات من النساء بالرجال فإنه بارك مواقف الرجولة من بعض نساء المؤمنين
كأم عمارة رضى الله عنها وذلك فى ميادين الحق والقتال ونصرة الدين
كما تضرب لنا ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر الصديق رضيّ الله عنها مثلاً في الشجاعة
حيث كان لها دور بارز في الهجرة، فكانت تأتي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)
وصاحبه أبي بكر الصديق أبيها بالزاد والماء كل ليلة، تمشي ثلاثة أميال تقريبا حتى تصل إلى الغار ومعها الزاد والماء وأيضا الأخبار .
.فالرجولة صفة يحبها الله ورسوله لكل الناس رجالا كانوا أم نساء
و لا تنحصر الرجولة على النساء و الرجال فحسب بل تتجاوزها للفتيان والفتيات
ألم يكن عليّ بن أبي طالب رضيّ الله عنه صبياً عندما إتخذ قراراً فكان أول من آمن بالرسول صلى الله عليه و سلم
و هو من فداه بروحه من المشركين حينما نام في فراشه .
يا لها من رجولة و يا لها من كلمة ولكنها ليست ككل الكلمات
فما تحمله من مضمون يفوق كل المضامين ...!!!
فهل تحب أن تكون رجلاً ؟
و أنت هل تحبين أن تكوني رجلاً ؟
بتلك المعاني أنا أحب أن أكون رجلاً
إعداد: نورالهدى التركستاني
شكراً للجميع