التغيير في الضغط الجوي أحد عوامل حركة الرياح
تنجم التغيرات في الضغط الجوي اساسا عن التغيرات في كم الحرارة الذي يصل إلي الأجزاء المختلفة من سطح الأرض في أثناء دورانها حول محورها المائل علي دائرة البروج بزاوية مقدارها ست وستون درجة ونصف تقريبا امام الشمس, وفي مدار حولها.
ويؤدي الاختلاف في درجات حرارة الغلاف الغازي للأرض إلي تكون مناطق ذات ضغط مرتفع, وأخري ذات ضغط منخفض, وترسل الرياح بإرادة الله تعالي, وحسب قوانينه وسننه في حركة رأسية وأفقية متصلة من مناطق الضغط المرتفع إلي منطاق الضغط المنخفض حسب شدة انحدار أو ارتفاع خطوط تساوي الضغط حول كل منطقة من مناطق الضغط الجوي.
ويعين علي ذلك سرعة دوران الأرض حول محورها من الغرب إلي الشرق, والتي تساعد في توجيه حركة الرياح وتؤدي إلي تكسر كل من الرياح الساخنة المتدفقة من المناطق الاستوائية في اتجاه القطبين, والرياح الباردة المتدفقة من القطبين في اتجاه خط الاستواء علي هيئة عدد من الخلايا الهوائية الكبيرة بعضها خلايا دافئة ورطبة ترتفع الي اعلي لتكون السحب الممطرة بإذن الله, وبعضها خلايا باردة وجافة تهبط الي اسفل, وبعضها خلايا متوسطة البرودة والجفاف, وهي أيضا تمثل رياحا هابطة إلي أسفل.
ويؤثر دوران الأرض حول محورها أمام الشمس تأثيرا عموديا في حركة الرياح سرعة واتجاها, فتحرفها جهة اليمين بصفة عامة في نصف الأرض الشمالي, وجهة اليسار بصفة عامة في نصفها الجنوبي, ويزداد هذا الاثر في طبقات الجو العليا بمعدلات أكبر مما يؤدي إلي تغيير اتجاه الرياح تدريجيا حتي يصبح موازيا لخطوط تساوي الضغط
أما قريبا من سطح الأرض فإن الرياح لا تهب بموازاة خطوط تساوي الضغط تماما بسبب احتكاكها مع تضاريس سطح الأرض.
كذلك ترسل الرياح بإذن من الله تعالي في حركات رأسية حيث يدفأ الهواء الملامس لسطح الأرض فيرتفع إلي أعلي, ويحل محله تيار من الهواء البارد الهابط إلي أسفل.
تكون الكتل والجبهات الهوائية
بهذه الحركة الدائبة للرياح أفقيا ورأسيا ينقسم الغلاف الغازي المحيط بالأرض( في نطاقي الرجع والتطابق اساسا إلي اعداد من الكتل الهوائية المتجاورة, والكتلة الهوائية تمثل بكمية هائلة من الهواء المتجانس فيما بينه في درجتي الحرارة والرطوبة النسبية, تمتد أفقيا لعدة كيلو مترات, ورأسيا بين ثلاثمائة وثلاثة الاف متر, ومن هذه الكتل الهوائية ما هو دافئ, وما هو بارد, ومنها ما هو رطب, وما هو جاف, ومنها ما يغير درجة رطوبته النسبية بمروره فوق مساحات مائية كبيرة أو فوق مساحات من الصحاري الجافة القاحلة.
ويتكون بين الكتل الهوائية المتجاورة أفقيا ورأسيا ما يسمي باسم الجبهات الهوائية, والجبهة الهوائية هي الحد الفاصل بين كتلتين متجاورتين من كتل الهواء المتباينة في درجات حرارتها ورطوبتها النسبية, ولذلك تكون منطقة تفاعل جوي نشط.
وإذا التقت كتلتان من الهواء فإن الباردة منها تنزل تحت الدافئة, ويتكون بينهما منطقة انتقالية هي منطقة الجبهة الهوائية التي تحول دون اختلاطهما, وتفصل بين صفاتهما الفيزيائية والكيميائية, وسرعة الرياح واتجاهاتها في كل منهما.
وعبور الجبهة الهوائية لمنطقة ما يؤثر في ظروفها المناخية تأثيرا بالغا, فإذا كانت الجبهة باردة أدت إلي انخفاض درجات الحرارة, وإلي تكون السحب الطباقية ونزول المطر بإذن الله, وإذا كانت الجبهة دافئة أدت إلي ارتفاع درجة الحرارة, وإلي تكون السحب الركامية
المتجمعة علي هيئة أكوام مكدسة من السحاب فوق بعضها البعض بما يشبه سلاسل الجبال المفصولة بالأودية والأخاديد, مما يعكس الارتفاعات المتعددة للهواء المشبع ببخار الماء من أماكن متفرقة, واستمرار تدفق الهواء المشبع ببخار الماء إلي أعلي يؤدي إلي زيادة إمكانية تكثف بخار الماء فيها, وبالتالي إلي إمكانية هطول المطر منها بإذن الله.
وتؤدي الكتل الهوائية الدافئة الرطبة إلي تكون كل من السحاب والضباب والندي, ومع إرسال الرياح تتشكل السحب الطباقية بإذن الله
وهي تتكون من طبقات تمتد افقيا لمئات من الكيلومترات المربعة تعكس الارتفاع المنتظم للهواء المشبع ببخار الماء عبر مساحات كبيرة, ولذلك فهي عادة ما تكون اغزر انواع السحب إمطارا وأوسعها انتشارا بإذن الله( تعالي).
اما إذا كانت الكتل الهوائية دافئة وجافة, فينتج عنها تكون الصقيع في الصباح الباكر أيام فصل الشتاء, وإثارة الغبار والاتربة والزوابع الشديدة في فصل الصيف خاصة إذا رافقتها رياح شديدة السرعة نسبيا.
المرتفعات الجوية
يعرف المرتفع الجوي بأنه جزء من الهواء فوق منطقة معينة من الأرض يتميز بضغط اعلي من ضغط الهواء في المناطق المحيطة به, ومنها:
(1) المرتفعات الجوية الدافئة التي تتشكل في المناطق شبه المدارية, وتتكون بسبب هبوط, الهواء البارد من اعلي وانضغاطه, وبالتالي ارتفاع درجة حرارته مع زيادة ضغطه.
(2) المرتفعات الجوية الباردة: وتتشكل فوق مناطق الجليد الواسعة بفعل التبريد المستمر للهواء الساكن فوق تلك المناطق مما يؤدي إلي تقلص الهواء وزيادة كثافته وارتفاع ضغطه.
وتعد المناطق الهوائية ذات الضغط المرتفع مصدرا من مصادر إرسال الرياح بإذن الله( تعالي) لأنها تدفع بالهواء الداخل فيها من قمتها إلي أسفل هابطا ليخرج من قاعدتها في اتجاه عقارب الساعة كما تدفع الهواء من حولها بعيدا عن مركزها مما يؤدي إلي حركة الكتل الهوائية, وانتقالها تدريجيا من اماكنها بحركات دورانية رأسية وأفقية واسعة, وهبوط الهواء من الاجواء العليا في المرتفع وانتشاره أفقيا فوق سطح الأرض من عوامل تكون كتلة هوائية مستقرة نسبيا ومتجانسة التركيب.
ويصاحب المرتفع الجوي عادة بشيء من صفاء الجو, مع قلة الرطوبة النسبية, وإن كان خروج تيار الرياح من قاعدة المرتفع قد يثير شيئا من غبار الأرض, ويؤدي إلي تكون عدد من الزوبعات الترابية.
المنخفضات الجوية
يعرف المنخفض الجوي بأنه جزء من الهواء فوق منطقة معينة من الأرض يتميز بضغط أخفض من ضغط الهواء في المناطق المحيطة به, ومنها:
(1) المنخفض الجوي الحراري: وينشأ بسبب تسخين الهواء بملامسته لسطح الأرض مما يؤدي إلي تمدده, وتناقص كثافته وارتفاعه إلي أعلي كما يحدث في المناطق الحارة.
(2) المنخفض الجوي الجبهي: وينشأ عند التقاء جبهتين هوائيتين إحداهما دافئة والاخري باردة, فيصعد الهواء الدافئ إلي أعلي, ويدخل الهواء البارد تحته فتتشكل كتلتان هوائيتان دافئة وباردة.
وتدور الرياح حول المنخفض الجوي في عكس اتجاه عقارب الساعة نحو الداخل وعلي ذلك فإن نمو المنخفض الجوي أو اضمحلاله يعتمد علي معدل دخول الهواء فيه عند سطح الأرض ومعدل خروجه منه إلي أعلي.
وتتحرك الرياح من المرتفع الجوي إلي المنخفض الجوي قرب سطح الأرض, وفي الأجواء العليا تتحرك بشكل افقي معاكس بالنسبة للمرتفع الجوي أي يخرج من قمة المنخفض الجوي بحركة دورانية ليتجه مع الاتجاه السائد للرياح العليا, بينما يدخل في قمة المرتفع الجوي هابطا إلي اسفل ليخرج من قاعدته.
ونظرا لقدوم الكتل الباردة من المناطق القطبية, والكتل الدافئة من المناطق المدارية فإن التقاءهما يكون غالبا فوق مناطق العروض المتوسطة, ونظرا لانحراف الكتل الهوائية في اثناء سيرها نحو اليمين في نصف الكرة الشمالي, ونحو اليسار في نصفها الجنوبي, فإن الجبهتين عند التقائهما تدور الرياح حول مركز المنخفض في اتجاه معاكس لاتجاه عقارب الساعة. وصعود الهواء الرطب إلي اعلي في منطقة الضغط المنخفض يساعد علي تكثيف مابه من بخار الماء, وعلي تكوين السحب الركامية, وحدوث ظواهر الرعد والبرق فيها وربما إلي نزول المطر بإذن الله.
حركة المنخفضات الجوية والجبهات الهوائية
تتحرك المنخفضات الجوية في غالبيتها من الغرب إلي الشرق مع اتجاه دوران الأرض حول محورها بسرعات تتراوح بين30,20 كم/ ساعة, ويرافقها في حركتها وتدور حولها جبهاتها الهوائية, ويلاحظ تباطؤ سرعة المنخفض الجوي عند مروره فوق اليابسة, وإنحراف اتجاهه نحو القطب الشمالي أو الجنوبي للأرض( حسب وضعه في أي من نصفي الأرض) خاصة إذا صادف تضاريسا معترضة كالسلاسل الجبلية التي يصطدم بها, فتزيد من إمكانية صعوده إلي اعلي, وتكون السحب الركامية, وزيادة امكانية تكثف بخار الماء فيها, وبالتالي إمكانية هطول المطر منها بإذن الله