دور التضاريس في تكوين التربة
تعتبر التضاريس من العوامل المهمة التي تظهر تأثيراً كبيراً على طبوغرافية الغطاء التربي وتباينه وخلافاً لبقية العوامل الأخرى كالمناخ والنبات والصخرة الأم فإن التضاريس لا تشارك مادياً في تكوين التربة.
فالسفوح المتجهة نحو الشمال عدا كونها تأخذ كمية أقل من الإشعاع الشمسي وذات تدفئة أقل, ويكون التحلل البيولوجي فيها أكبر من السفوح المتجهة جنوباً, وذلك بسبب تبخر مائها البطيء وعدم تجفف ماء تربتها بالسرعة التي تتجفف فيها السفوح المتجهة جنوباً. وبالتالي فإن رطوبة السفوح الشمالية أكبر وتبقى مدة أطول وكذلك تبقى النباتات خضراء مدة أطول, بينما يؤدي جفاف ترب السفوح الجنوبية إلى فقدان الماء بسرعة وبالتالي يتضاءل التحلل الكيميائي.
وعليه فإنه ليس من الغريب أن نجد على صخر واحد ذي ميل تضاريس متساو على سفحين مختلفي الاتجاه صنفي تربة مختلفين.
وتؤثر أشكال التضاريس أيضاً في تغيير شدة عمليات التعرية والترسيب, والتربة المنجرفة تنتقل من المناطق المرتفعة لتتوضع بشكل طبيعي في المنخفضات فوق الترب الملحية.
ويمكن اعتبار أكثر أشكال التضاريس انتشاراً هي التالية: التضاريس السهلية والتموجية والجبلية, أما حسب الارتفاع والانخفاض يمكن تمييز أربعة أشكال للتضاريس:
أـ التضاريس الدقيقة (القزمة):
وهي أشكال دقيقة للتضاريس مع تأرجح بسيط للارتفاعات لا يزيد عن 30 سم. التضاريس الصغيرة كالزملات والريضان والتي تمتاز بأن الفرق ما بين الأجزاء الأكثر ارتفاعاً والأجزاء الأقل انخفاضاً يتراوح ما بين أجزاء المتر الواحد وحتى بضع أمتار.
ب ـ التضاريس الصغيرة:
كالتلال والوديان حيث الفرق بين الأجزاء الأكثر ارتفاعاً والأجزاء الأقل انخفاضاً يصل إلى بضع عشرات الأمتار.
جـ ـ التضاريس المتوسطة:
وتمثل تضاريس المساحات الواسعة الضخمة لسطح الأرض كالجبال والهضاب والسهول الكبيرة والتي يتراوح فيها الفرق ما بين الأجزاء الأكثر ارتفاعاً والأقل انخفاضاً من بضع عشرات الأمتار (في السهول) إلى بضع مئات وحتى بضع ألاف الأمتار (في الجبال).
فالتضاريس الصغيرة والدقيقة تؤثر على عمق التبلل أو الترطيب للترب وبالتالي على النظام الملحي للترب وعلى تركيب النبات العشبي.
بينما تؤثر الأشكال المتوسطة للتضاريس على توزع الرطوبة على سطح الأرض وعلى سرعة الجريان السطحي والجانبي للماء وعلى نموذج النظام المائي للترب وبالتالي على طبيعة الغطاء النباتي المتعلق به.
دـ الأشكال الضخمة للتضاريس:
وخاصة الجبلية فتساعد على تكوين مناطق مناخية ونباتية رأسية (تعاقب شاقولي) تمتاز التضاريس السهلية بعدم وضوح ظاهرة الجريان السطحي إذ أن ماء الهطول الجوي الوارد إلى السطح يمتص بكامله تقريباً من قبل التربة, بينما نجد بأن ترطب الترب في حالة التضاريس التموجية (السفحية) وعند نفس كمية الهطول الجوي يزداد بالانتقال من الأجزاء الأكثر علواً للسفح باتجاه الأجزاء الأكثر انخفاضاً وذلك على حساب الجريان السطحي والجانبي داخل التربة للماء.
في المناطق الرطبة ونصف الرطبة حيث تسود الرطوبة على التبخر يلاحظ على أن المستوى القريب للمياه الأرضية يسبب بصورة دائمة في تكوين ترب هيدرومورفية (ترب المستنقعات) والتي تختلف بشدة في بنائها المورفولوجي ونظمها وتركيبها الكيميائي عن الترب الأوتومورفية المتشكلة على مساحات خطوط انقسام الماء, أما في الظروف الجافة ونصف الجافة يؤدي التوضع القريب للماء الأرضي في الأماكن المنخفضة للتضاريس إلى نشوء الترب المالحة (السولانتشاك).
في المنطقة المنخفضة تكون التربة قديمة ومنقولة, أما في المنطقة المرتفعة تكون التربة حديثة ومحمولة.